(حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ): حتى ترجع إلى أمره.
(وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الإقساط (١): العدل أي: واعدلوا في الإصلاح بين الطائفتين إن الله يحب العادلين.
التفسير
٩ - (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) الآية:
مقدمة:
بعث الله محمدًا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولا يتحقق ذلك إلا بالوحدة وعدم التفرق بين المسلمين، امتثالا لقوله - تعالى -: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.. ﴾ (٢) فإذا وسوس الشيطان بين فريقين منهم حتى اقتتلوا، وجبت المسارعة إلى الإصلاح بينهما، كما كان النبي - ﷺ - يصنع مع أصحابه، وعلى الفريقين أن ينقادوا إلى الصلح حقًّا على الوحدة بين المسلمين، ومن أجل ذلك نزلت هذه الآية والتي تليها.
سبب النزول:
روى المعتمر بن سليمان عن أنس بن مالك قال: (قلت: يا رسول الله، لو أَتيت عبد الله بن أبَيٍّ - يعني ابن سلول رأس المنافقين - فانطلق إليه النبي - ﷺ - فركب حمارًا وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي - ﷺ - قال: إليك عني، قد أذاني نَتَنُ حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لَحِمَارُ رسول الله ﷺ أطيب ريحًا منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهم حرب بالجريد والأيدى والنعال، فبلغنا أنه أنزل فيهم هذه الآية (٣) وعلى أساسها أصلح النبي بينهم.
(٢) من الآية ١٠٣ من آل عمران.
(٣) رواه الإِمام أحمد بسنده عن معتمر، ورواه البخاري في الصلح عن مسدد، ورواه مسلم في المغازى بسنده عن محمَّد بن عبد الأعلى، كلاهما عن المعتمر بن سليمان عن أبيه.