وقد مثل الله الغيبة بأكل الميتة؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحيَّ لا يعلم بغيبة من اغتابه، وقال ابن عباس: إنما ضرب هذا المثل للغيبة؛ لأن أكل لحم الميتة حرام مستقذر، وكذا الغيبة حرام في الدين، وقبيحة في النفوس.
والغيبة تأْكل الحسنات، قال - ﷺ -: "ما صام من ظل يأكل لحوم الناس" والغيبة تكون في الدين والأخلاق والخِلْقة والحسب والنسب، ولا خلاف بين العلماء في أنها من الكبائر، فعلى المغتاب أن يتوب إلى الله.
كيف تكون التوبة من الغيبة؟
اختلف العلماء في كيفية التوبة منها، فقال بعضهم: هي مظلمة يكفى فيها الاستغفار لمن اغتابه إلى جانب الاستغفار لنفسه، وقال آخرون: هي مظلمة لا بد في التوبة منها من طلب العفو ممن اغتابه، لقوله - ﷺ -: "من كانت له مظلمة لأخيه من عِرْضه أو شيء". فليتحلله منه قبل أن لا يكون له دينارٌ ولا درهم، وإن كان له عملٌ صالح أُخذ منه بقدر مَظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذَ من سيئاتِ صاحبِه فحُمِل عليه" أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة.
من لا غيبة لهم:
لا تحرم الغيبة للفاسق المجاهر بفسقه، ولا في عرض الشكوى على القاضى، كقولك: فلان ظلمنى أو خاننى أو نحو ذلك، ولا في الاستفتاء كقول هند عن زوجها أبي سفيان: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطينى أنا وولدى، أفآخذ من غير علمه؟ فقال: "فخذي بالمعروف".
ولا تحرم في النصيحة والتحذير، ولا في التعريف: كفلان الأعرج أو الأعمى.
(فَكَرِهْتُمُوهُ):
أي: فكرهتم أكل لحم أخيكم ميتا، فكذلك فاكرهوا غيبته، وقيل: لفظه خبر ومعناه أمر، أي: فاكرهوا غيبته.
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ):