عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: "إن الله - تعالى - يقول يوم القيامة: إلى جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم عند الله أتقاكم، وأبيتم إلا أن تقولوا: فلان ابن فلان، وأنا اليوم أرفع نسبى لأضع أنسابكم، أين المتقون؟ ".
وفي حديث مسلم من حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول جهارا: "إنَّ أولياءَ أبي ليسوا لي بأولياء، إنَّ ولِيِّيَ الله وصالحو المؤمنين".
وقد ختم الله الآية بقوله: (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أي: أنه - تعالى - عليم خبير بأحوال الناس نحو هذه الآداب، فيثيب من تأَدب بها، ويعاقب من أعرض عنها.
صور مشرقة من محو الفوارق الطبقية في الزواج:
لقد كان لهذا الأَدب تأْثيره في محو الفوارق بين طبقات الناس، فقد ذكر الطبرى بسنده عن أبي الجَعْد قال: تزوج رجل من الأنصار امرأة فطعن عليها في حسبها، فقال الرجُلُ: إني لم أتزوجها لحسبها، إنما تزوجتها لدينها وخلقها، فقال النبي - ﷺ -: "ما يضرك أن لا تكون من آل حاجب بن زرارة؟ " ثم قال النبي - ﷺ -: "إن الله - تعالى - جاء بالإِسلام فرفع به الخسيسة، وأتمَّ به الناقصة، فأذهب به اللوم، فلا لوم على مسلم، إنما اللومُ لومُ الجاهلية".
وفي الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة - وكان ممن شهد بدرًا مع النبي - ﷺ - تبَنَّى سالما وأنكحه هند بنت أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى امرأة من الأنصار (١)، وضباعة بنت الزبير كانت تحت المقداد ابن الأَسود، وتزوج بلال بن رباح أخت عبد الرحمن بن عوف، فدل ذلك على جواز نكاح المولى العتق من الحرة، ومَنْ نَسَبُه خامل ممن نسبه عالٍ، وأن المعوّل عليه في الإِسلام هو التقوى، وهي التي اعتبرها المالكية أساس الكفاءَة كون الحسب والنسب والغنى (٢) وما إلى ذلك من الفوارق الطبقية.
(٢) أما الحنفية والشافعية فقد اشترطوا الكفاءة في ذلك.