ومعنى الآية: أعَمِيَتْ قريش حين أشركوا وأنكروا البعث - أعموا - فلم ينظروا إلى الكواكب فوقهم بحيث يشاهدونها كل وقت، كيف بنيناها وأحكمناها، وجعلناها زينة للسماء الدنيا وما لها من شقوق ولا فتوق، فهي تامة السلامة من كل عيب.
واعلم أيها القارئ الكريم أن القبة الزرقاء التي ترى خلالها الكواكب مما هي إلاَّ الغلاف الجوى، وفوقه ظلمة حالكة السواد، كما اكتشف ذلك علماءُ الفلك، فإذا أطلق عليه لفظ (سماء) فهو إطلاقه لغوى، فإن كل ما علاك سماء.
٧، ٨ - (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ):
الأرض مثل الكرة، غير أنها منبعجة (١) من جهة القطبين، وهي تدور في الفضاء تحت الشمس، وتنتقل في مدارها من برج إلى برج، ويترتب على ذلك وجود الليل والنهار، والربيع والصيف والخريف والشتاء.
وظاهر الآية يدل على أن الأرض مفروشة ومبسوطة، وهذا لا ينافى أنها كروية، فهي مبسوطة في رأى العين، كروية في الحقيقة، ولهذا ترى الشمس تشرق في بعض الأقاليم، وغيرها مما يليها لا يزال الليل فيه، فلا تُرَى الشمس فيه إلاَّ بعد حين يطول أو يقصر حسب البعد والقرب، وذلك ناشئ من كرويتها، فعاليها يحجب ضوء الشمس عن سافلها، ولو لم تكن الأرض كروية لأشرقت الشمس على جمع أقاليمها في وقت واحد.
والمعنى: والأرض بسطها الله في رأى العين ومهَّدها ليتيسر السير عليها والانتفاع بها، وخلق فيها جبالًا ثوابت تحفظها من أَن تميد وتضطرب بمن عليها، وأنبت فيها بقدرته من كل صنف حسن يسر الناظرين والآكلين، وقد فعك الله ذلك تبصيرًا وتذكيرًا لكل عبد منيب راجع إلى الحق، فالصنعة البديعة تدل أوضح الدلالة على الصانع المبدع المتفرد في إبداعه.

(١) أي: ناقصة.


الصفحة التالية
Icon