الْوُسْطَى} (١) وهي العصر على رأى كثير من المفسرين، ومن فضل هذا الوقت أيضًا القسم به في قوله - تعالى -: "والعصر".
وقوله - تعالى -: (ومن الليل فسبحه) معناه وسبحه بعض الليل وفي جزء منه، ولعل المقصود به السَّحر، فإنه الوقت المفضل للتهجد والتسبيح والاستغفار، وأعقاب السجود أي: آخر الصلاة بعد انقضاء السجود والسلام.
وهذا بناء على تفسير التسبيح بالتقديس والتنزيه والذكر - فإذا فسّر التسبيح بالصلوات الخمس كان المراد بما (قبل الطلوع) الفجر، وبما (قبل الغروب) الظهر والعصر، وبـ (ومن الليل) العشاءين والتهجد وما يصلى بأدبار السجود من النوافل بعد المكتوبات.
٤١ - (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ):
أي: واستمع - يا أيها الرسول - أخبار ما يوحى إليك من أحوال يوم القيامة يوم ينادى المنادى فيقول: أيتها العظام البالية، واللُّحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أَن تجتمعن لفصل القضاء.
قيل: إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادى بالحشر، وفي هذا الأمر تهويل وتفظيع لأخبار هذا اليوم. وقوله: من مكان قريب معناه: من مكان يسمعه الخلائق كلهم على حال واحدة فلا يخفى على أحد قريب أو بعيد، فكأنهم نودوا جميعا من مكان قريب. قيل: من صخرة في بيت المقدس، وقيل: من تحت أقدامهم، وقيل: من منابت شعورهم. والتعبير القرآنى فوق كل بيان.
٤٢ - (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ):
تتصل هذه الآية بقوله - تعالى -: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ﴾ أي: استمع يوم ينادى المنادى يوم يسمعون نفخة البعث ناطقة بالحق الذي طالما أنكروه، وكذبوا أخباره وهو البعث الذي يسمعون النداء به حقا واقعًا، وحقيقة ماثلة، ذلك يوم الخروج الذي

(١) سورة البقرة من الآية: ٢٣٨.


الصفحة التالية
Icon