عمن لا يرغبون ولا يحبون؟ فلهذا رأوا أن تكون الرسالة لرجل من القريتين عظيم؟ واستبعدوا النبوة عن محمَّد - ﷺ - لفقره.
﴿أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ أي: بل أهم الأرباب الغالبون والمعبودون القاهرون حتى يدبروا أمر الخلق، وينفردوا بهذا التقدير المحكم والتدبير المتقن، ويعطوا النبوة لمن شاءوا، ويستعيدوها من سواه، إنهم ليسوا كذلك، فالله وحده هو قيوم السموات والأرض وليس له ندٌ ولا شريك.
٣٨ - ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾:
أي: بل أيَدَّعُونَ أن لهم مرتقى ومصعدًا منصوبًا إلى السماء يستمعون وهم صاعدون فيه إلى كلام الملائكة وما يوحى به إليهم من علم الغيب حتى يعلموا أن الظفر والغلبة والعاقبة لهم على رسول الله - ﷺ - إذا ادعوا ذلك وزعموه لزمهم أن يأتوا بحجة واضحة ودليل ظاهر بين يصدق دعواهم، وأنَّى لهم هذا الدليل؟ وليس لهم إليه من سبيل.
٣٩ - ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾:
هذا إنكار وتوبيخ ووعيد لهؤلاء الذين بلغ بهم التَّدنِّي في السفه والغلو في العناد إلى أن ادعوا أن الملائكة إناث، وأن الله قد اختارها لنفسه وآثرهم بالبنين، وهم لم يشهدوا خلق الملائكة ولم يعرفوا فطرتهم، ولم يقفوا على حقيقتهم حتى يصفوهم بالأنوثة ويزعموا مع ذلك أنهم بنات الله ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ (١) وهم يزعمون أن لهم البنين فيختارون لله ما يكرهون، ولهم ما يحبون ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ (٢). ليس الأمر كما تزعمون أيها الحمقى - تعالى الله عما تقولون علوا كبيرًا - فهو - سبحانه - منزه عن الشريك والصاحبة والولد.
٤٠ - ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾:
أي: بل أتطلب منهم أجرًا وجزاءً على هدايتك لهم وإرشادهم إلى دين الله الحق تلزمهم بهذا الأجر وتجبرهم عليه، فهم من هذا الغرم الثقيل الفادح المجهد لهم يزهدون في اتباعك
(٢) سورة الزخرف الآية: ١٧.