٤٩ - ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾:
أي: وفي بعض الليل نزه ربك وقدِّسه وعظمه، وخص - سبحانه - بعض الليل وأفرده بالتسبيح والتقديس له - جل شأنه - لأن العبادة في جوف الليل أشق على النفس وأبعد عن الرياء، ويجوز أن يراد بالتسبيح هنا: الصلاة في الليل والتهجد فيه، وهذه الصلاة من خصوصياته - ﷺ - الواجبة عليه وحده، والصلاة تسمى تسبيحًا لما فيها من التسبيح لله، ومنه سُبحة الضحى، أي: صلاة الضحى ﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾: هو ذهاب ضوئها إذا طلع الفجر الثاني، وهو البياض المنشق من سواد الليل، والمراد به: صلاة ركعتين قبل الفجر، وهذا مروي عن كثير من الصحابة كعمر وعلي وأبى هريرة وغيرهم - رضي الله عنهم جميعًا - كما هو مأثور أيضًا عن كثير من التابعين كالحسن البصري والنخعى والشعبي وغيرهم، كما روى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله: بت ليلة عند النبي - ﷺ - فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم خرج إلى الصلاة فقال: "يا بن عباس، ركعتان قبل الفجر إدبار النجوم، وركعتان بعد المغرب إدبار السجود" وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لم يكن رسول الله - ﷺ - على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح. وعنها أن النبي - ﷺ - قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. والله أعلم.