المفردات:
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾: فأَعرض عنهم.
﴿الدَّاعِ﴾ الداعى: هو إسرافيل - عليه السلام - وقيل: غيره.
﴿إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ المنكر: بمعنى المنكر الفظيع، وهو أهوال يوم القيامة.
﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ أي: ذليلة، والمراد ذليلة نفوسهم؛ لأن خشرع الأبصار ناشئ عن خشوع النفوس، فهو غاية عنه.
﴿الْأَجْدَاثِ﴾: القبور، وهو جمع جَدَث.
﴿مُهْطِعِينَ﴾: مسرعين مادين أعناقهم.
التفسير
٦ - ٨ - ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)﴾:
الأَمر في قوله - تعالى -: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ مترتب على ما قبله من عدم إفادة النُّذُر لهم، ولذا قُرِن بالفاء التي هي لترتيب ما بعدها على ما قبلها، وكأَنه قيل: إذا كانت النذر لا تغنى عنهم ولا تفيد فأعرض عنهم واترك الاهتمام بهم، والأَسى على عدم إيمانهم، فقد أديت الرسالة ووفيت الأمانة فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
وليس الغرض منه الأَمر بترك تبليغ الرسالة لهم، فإنه - ﷺ - ظل يدعوهم إلى الحق قبل الهجرة وبعدها، حتى آمنوا جميعًا في العام الهجرى الثامن، فالغرض منه أَن لا يبالي بكفرهم، وقد عقَب الله هذا الأمر بوعيدهم بعذاب الآخرة بقوله: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ أي: اذكر لهم يوم ينادى المنادى إلى شيء منكر فظيع، قال الآلوسي: يكنى بالنُّكر عن الفظيع ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ ذليلة نفوسهم، يخرجون من القبور كأنهم في كثرتهم وانتشارهم في كل مكان - ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ - جراد منتشر - يخرجون - مسرعين إلى الداعى، مادين أعناقهم خوفًا وهلعًا، يقول الكافرون من شدة الهول وسوء المنقلب - يقولون -: هذا يوم صعب شديد. نسأَل الله السلامة.