عَذَابِي وَنُذُرِ} لتوجيه السامعين نحو الإصغاء إلى ما يلقى عليهم في تعذيب عاد قبل ذكره كأنه قيل: كذبت عاد، فهل سمعتم؟ أو فاسمعوا يا أَهل مكة كيف كان عذابى وإنذارى لهم بالعذاب. ثم بين ما أجمل في عقابهم بقوله - تعالى -: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ﴾ أَي: أَرسلنا عليهم ريحًا باردة - كما روى عن ابن عباس وقتادة والضحاك - وقيل: أرسلنا عليهم ريحًا شديدة الصوت، وكان ذلك في يوم شؤم مستمر، والمراد به مطلق الزمان لقوله - تعالى -: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ (٢) وقد استمر هذا الشر حتى أَهلكهم جميعًا، ولم تبق منهم باقية، وقد روى أَنهم دخلوا الشعاب والحفر وأَمسك بعضهم ببعض فنزعتهم الريح وصرعتهم موتى، كأَنهم أصول نخل بدون فروع منقلع عن مغارسه وملقى على الأرض، وقد شبهوا بأَعجاز النخل لطول قاماتهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ تهويل وتعظيم للعذاب والنُّذُر، وتعجب من أمرهما بعد بيانهما. فليس فيه شائبة تكرار مع ما سبق في هذه القصة.
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ... ﴾ الآية، أي: سهلناه للتذكر والاتعاظ، أَو للحفاظ. وقد سبق.
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦)﴾
(٢) سورة الحاقة، من الآية: ٧.