الحمى وذاق طم الضرب؛ لأن النار إذا أصابتهم بحرها، ولحقتهم بإيلامها فكأنها تمسهم بذلك مسًّا، والكلام على المجاز.
٤٩ - ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾:
أي: إن كل شيءٍ من الأشياء خلقناه مقدرًا بقدر معلوم اقتضته الحكمة التي يدور عليها أمر التكوين، أو مقدرًا مكتوبًا في اللوح المحفوظ قبل وقوعه قد علمنا حاله وزمانه. وحَمْل الآية على القَدَر الذي يقابل القضاء هو المأثور عن كثير من السلف، وروى الإِمام أحمد، ومسلم والترمذى وابن ماجه عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله - ﷺ - القدر فنزلت وقال أبو ذر - رضي الله عنه -: قدم وفد نجران علي رسول الله - ﷺ - فقالوا: الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا؟ فنزلت الآية ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾. فقالوا: يا محمَّد، يَكتب علينا الذنب ويعذبنا؟ قال: أنتم خصماء الله يوم القيامة.
وفي صحيح مسلم أن ابن عمر تبرأ منهم ولا يتبرأ إلاَّ من كافر، ثم أكَّدَ هذا بقوله: لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبًا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر.
وروى مسلم عن طاوس قال: أدركت ناسًا من أصحاب رسول - ﷺ - يقولون: كل شيءٍ بقدر.
وسمعت ابن عمر يقول: قال النبي - ﷺ -: كل شيءٍ بقدر حتى العَجْز والكَيْس، أو الكيسُ والعجز. وهذا إبطال لمذهب القدرية (١) والآية من باب ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ وهذا هو المقصود من قوله - تعالى -: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.