﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أي: ولحم طير مما تميل نفوسهم إليه وترغب فيه.
والظّاهر أن الآية تشير إلى أن الولدان يطوفون بهما عليهم في الجنة، مع أنّه جاء في الآثار والأحاديث أن فاكهة الجنة وثمارها ينالها القائم والقاعد والنائم، وأن الرجل من أهل الجنّة يشتهى الطير فيقع في يديه نضجا، وإنّما كان طواف الولدان عليهم للإكرام ولمزيد المحبّة والتّعظيم والاحترام وهذا كما يناول أحد الجالسين على مائدة جليسا معه بعض ما عليها من الفاكهة ونحوها، إن كان ذلك قريبًا منه اعتناء بشأنه وإظهارا لمحبته والاحتفاء به، وتقديم الفاكهة على اللحم للإشارة إلى أنهم ليسوا بحال تقتضى تقديم اللحم كما في الجائع، فإن حاجته إلى اللحم أشّد من حاجته إلى الفاكهة، بل هم في حالة تقتضى تقديم الفاكهة واختيارها كما في الشّبعان فإنه إلى الفاكهة أميل منه إلى اللحم.
قال ابن كثير في تفسير قوله - تعالى -: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾ هذه الآلة دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخيّر والانتقاء لها.
٢٣، ٢٢، ٢٤ - ﴿وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ*جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾:
﴿وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ أي: ولهم في الجنَّة نساء بيض واسعات العيون حسانها كأمثال اللؤلؤ المكنون، أي: المصون في صدفه، وقيّد بالمكنون أي: المستور بما يحفظه؛ لأنه أصفى وأبعد عن التغيّر.
﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾: أي يُغطون هذا الجزاء العظيم وينالون هذا الثواب الجزيل بسبب ما كانوا يعملون من الصالحات في الدنيا.
٢٥، ٢٦ - ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا* إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾:
أي: لا يسمعون في الجنة ﴿لَغْوًا﴾ وهو ما لا نفع فيه من الكلام أو هو القبيح منه، ﴿وَلَا تَأْثِيمًا﴾ أي: لا يسمعون حديثًا ينسب إلي الإثم قائله أو سامعه أن رضي به.


الصفحة التالية
Icon