وقال أبو عبيدة: المراد بالفرش: النِّساء؛ لأن المرأة يكنى عنها بالفراش كما يكنى عنها باللباس ورفعهنَّ في الأقدار والمنزلة، وقيل: على الأرائك، وأيّد إرادة النساء بقوله - تعالى -: ﴿إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾؛ لأن الضمير في الأغلب يرجع على مذكور متقدم وليس إلاَّ الفرش، وعلى التفسير الأول أُضمر لهن؛ لأن ذكر الفُرُش وهي المضاجع دل عليهن.
٣٥، ٣٦، ٣٧، ٣٨ - ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾:
﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾:
المراد بأَنْشَأْنَاهُنَّ: أعَدْنا إنشاءهنّ من غير ولادة؛ لأن المخبر عنهن بذلك نساء كن في الدنيا، فقد أخرج ابن جرير والترمذي وآخرون عن أنس قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إن المنشآت اللاتي كنّ في الدنيا عجائز عُمْشًا رُمْصًا" وأتت عجوز فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلنى الجنة فقال: يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكى فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله - تعالى - يقول: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ الآية.
وقال أبو حيان: الظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بِخَلْق ويكون ذلك مخصوصًا بالحور العين، فالمعنى: إنا ابتدأناهن ابتداء جديدًا من غير ولادة ولا خلق أوّل، ومما تقدم يتبين أن المراد بقوله - تعالى -: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ اللاتى أُعيد إنشاؤهن وهن نساء الدنيا أو اللاتى ابتدئ إنشاؤهن وهن الحور العين.
﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا﴾:
تفسير لما تقدم أي: فصيرناهنّ أبكارًا أو فخلقناهنّ أبكارًا.
﴿عُرُبًا أَتْرَابًا﴾:
﴿عُرُبًا﴾: متحببات عاشقات لأزواجهنّ، واشتقاقه من أعْرب إذا بين فالعَرُوب تُعرب وتُبِين عن محبتها لزوجها بتكسر ودلّ وحسن كلام.