والمعنى: أنهم عذبوا؛ لأنهم كانوا في الدنيا قبل ذلك أي: قبل ما ذُكِر من العذاب متبعين هوى أنفسهم وليس لهم رادع منها يردعهم عن مخالفة أوامره وارتكاب نواهيه - سبحانه عز وجل -، رقيل: المترف هو الذي أدرفته النعمة أي: أبطرته وأطغته.
٤٦ - ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ﴾:
أي: وكانوا يصمِّمون بل ويقيمون ويداومون على الذنب العظيم والكبائر كالشرك، وقيل: الحنث اليمين الغموس، وظاهره الإطلاق ليعم كل ذلك، وما ذكر تمثيل له، وقال التاج السبكى في طبقاته: سألت الشيخ - يعنى والده تقي الدّين -: ما الحنث العظيم؟ فقال: هو القسم على إنكار البعث المشار إليه بقوله - تعالى -: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ (١) وهو تفسير حسن؛ لأن الحنث وإن فُسِّر بالذنب مطلقًا أو العظيم منه فالمشهور استعماله في عدم البر بالقسم، وتُعُقِّب هذا بأنه يترتب عليه التكرار في قوله - تعالى -: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا متْنًا... ﴾ الآية.
وأجيب بأنه لا تكرار؛ لأن المراد بالأول في قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ﴾ وصفهم بالثبات على القسم الكاذب وبالثاني في قوله - تعالى -:
﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا﴾ إلخ - وصفهم بالاستمرار على الإنكار على أنه لا محذور في تكرار ما يدل على إنكارهم البعث.
٤٧ - ﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾:
أي: وكانوا يقولون منكرين للإعادة مكذبين بالبعث مستبعدين لحصوله: أئذا متنا وكان بعض أجزائنا ترابًا وبعضها عظامًا نخرة أئنا لعائدون إلى الحياة مرة أخرى ونبعث، إن هذا لمستبعد وقوعه ولا يمكن حصوله وحدوثه، وتقديم التراب؛ لأنه أبعد عن الحياة التي يقتضيها ما هم بصدد إنكاره من البعث.

(١) سورة النحل من الآية: ٣٨.


الصفحة التالية
Icon