لما يقوله الكفار في القرآن من أنه سحر وشعر وكهانة كأنه قيل: لا صحة لما يقولون في القرآن الكريم من هذا الافتراء ثم قيل: (أقسم) وهذا منسوب إلى سعيد بن جبير وبعض النحاة.
ومواقع النجوم: مساقطها ومغاربها وخصها - جلت قدرته - بالقسم لما في غروبها من ذهاب أثرها وذلك للدلالة على وجود حكيم دائم لا يتغير يؤثر فيها ظهورا وخفاءً، وقد استدل الخليل إبراهيم - عليه السلام - بأُفول الكوكب، وغروب القمر، وذهاب الشمس على وجود الصانع الذي لا يغيب ولا تأخذه سنة ولا نوم، أو أقسم - سبحانه - بها في هذا الوقت لأنه أوان قيام المتهجدين وانقطاع المتبتلين إليه - تعالى - ونزول رحمته وفيض رضوانه عليهم. وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألنى فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (١). والنزول كناية عن القرب والعناية.
وقال جماعة منهم ابن عباس - رضي الله عنهما -: النجوم نجوم القرآن، ومواقعها أوقات نزولها، فإن القرآن نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقًا في السنين بعد.
٧٦ - ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ أي: وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم جليل، لو تعلمون قدره ومكانته لعظمتم المقسم عليه وهو القرآن الكريم.
٧٧ - ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ أي: إن هذا القرآن الذي أنزله الله على محمَّد - ﷺ - حسن مرضي رفيع القدر في جنسه بين الكتب المنزلة من عند الله، كثير المنافع، أو كريم على الله أو على المؤمنين؛ لأنه كلام ربهم وشفاءُ صدورهم، وقيل: كريم لما فيه من كريم