التفسير
٨٣، ٨٤ - ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾:
الضمير في قوله - تعالى -: ﴿بَلَغَتِ﴾ للروح ولم يتقدم لها ذكر؛ لأن المعنى معروف وواضح ونظيره قول حاتم الطائى:
أماويّ ما يغنى الثراءُ عن الغنى.... إذا حشرجت (١) يومًا وضاق بها الصدر
والروح - كما ذهب سلف هذه الأمة المحمدية - جسم لطيف سار في البدن سريان ماء الورد
في الورد، وهو حيّ بنفسه يتصف بالخروج والدخول وغيرهما من صفات الأجسام.
﴿فَلَوْلَا﴾ هذا حث وتخضيض أريد به التبكيت والتعجيز أي: فهلاّ إذا بلغت ووصلت الروح إلى حلقوم ذلك الذي حان حينه، ودنا أجله، وهو يجرد بنفسه، وأنتم أيها الحاضرون حوله في هذا الوقت تشاهدون ما يعانيه من سكرات الموت، وما يقاسيه من غمراته.
٨٥ - ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ﴾:
أي: ونحن بعلمنا وقدرتنا أو بملائكتنا الموكلين بذلك أقرب إلى ذلك المحتضر في كل هذا منكم حيث لا تعرفون من حاله إلاَّ ما تشاهدونه من آثار الشدة النازلة به من غير أن تقفوا على حقيقتها وكيفيتها وأسبابها ولا تقدروا على دفعها بما ينفع مع تعطفكم وشفقتكم عليه وتوفركم على إنجائه من المهالك.
٨٧، ٨٦ - ﴿فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾:
أي: فهلاّ إن كنتم - كما تزعمون - غير مربوبين لله وغير مخلوقين له ولستم في قهره وسلطانه، أو غير مجزيين ولا محاسبين بأعمالكم يوم القيامة، وذلك بإنكاركم البعث فهلاّ ﴿تَرْجِعُونَهَا﴾ أي: ترجعون الروح إلى جسدها وتعيدون إليه الحياة كاملة {إِنْ كُنْتُمْ