طوعًا وكرهًا، ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أي: القادر الذي لا ينازعه ولا يمانعه شيء، فهو - سبحانه - لا نظير له ولا مثيل، ﴿الْحَكِيمُ﴾ أي: الذي لا يفعل إلاَّ ما تقتضيه الحكمة، ولعزته ينتقم من المكلف الذي لا يسبحه عنادًا، ولحكمته يجازى من قدَّسه ونزهه طواعية وانقيادًا.
٢ - ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾:
أي: له - سبحانه - لا لغيره ملك السموات والأرض ملكًا حقيقيًّا أبديًّا غير حادث، ولا زائل، أما ملك غيره فهو موقوت بزمان مرهون بوقت يحدث بعد أن لم يكن، ويزول مهما امتد به الزمن، وهو - جل شأنه - يحيى الأشياء من العدم المحض، ويميت كل شيء ويبقى وجهه الكريم وحده قال - تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ (١). وهو - تعالت قدرته - مقتدر ومتمكن من كل شيء ممّا نعلم ومما لا نعلم، لا يعجزه أمر، ولا يشغله شأن عن شأن.
٣ - ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾:
أي: هو وحده ﴿الْأَوَّلُ﴾ بلا ابتداء، القديم الذي كان من قبل كل شيء، فهو الموجد والمحدث للموجودات، وهو ﴿الْآخِرُ﴾ بلا انتهاء، الباقي - سبحانه - بعد فناء كل شيء، ﴿الظَّاهِرُ﴾ بالأدلة الدالة عليه من خلق وإبداع ﴿الْبَاطِنُ﴾ الذي لا تدرك حقيقته ولا تحوم حوله العقول، ولا يعلم ذاته إلا هو وحده - تبارك وتعالى - والواو الأُولى بين ﴿الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾ تدل على أنه - سبحانه - الجامع بين الصفتين الأولية والآخرية، والواو التي بين ﴿الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ للدلالة على أنه الجامع بين الظهور والخفاء، أما الواو الوسطى الواقعة بين ﴿الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾ و ﴿الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ فتدل على أنه هو الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين، ومجموع الصفتين الأُخْرَيَيْن، فهو مستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية، وهو في جميعها ظاهر وباطن، جامع للظهور بالأدلة، والخفاء فلا يدرك بالحواس (٢).

(١) سورة الرحمن الآيتان: ٢٦ و٢٧.
(٢) الكشاف بتصرف.


الصفحة التالية
Icon