رسم مستقلا في السور المفتتحة بحروف الهجاء وقبل: إن أجزاءهما أَسماء لحروف هجائية، والمراد بها تحدى العرب أَن يأْتوا بسورة مثله لأنه مؤلف من كلمات ذات حروف هجائية مثلما يتكلمون وينطقون، فليأتوا بمثله إن كانوا صادقين، وقيل: غير ذلك. والكلام في إعرابها وفي معناها قد مضى في مثله من سورة البقرة وغيرها، وحسبك هنا ما تقدم.
٣ - ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾: كلام مستأْنف وارد لتحقيق أن مضمون السورة موافق في تضاعيف الكتب المنزلة على سائر الرسل المتقدمين في الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق، أَي: مثل ما في هذه السورة من المقاصد أُوحى إليك في سائر السور وأوحى إلى من قبلك من الرسل في كتبهم وصحفهم، من الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق وإلى ما فيه صلاح العباد، أو مثل إيحاء هذه السورة أُوحى إليك سائر السور. وإلى سائر الرسل عند إيحاءِ كتبهم إليهم كما في قوله - تعالى -: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ (١).. الآية، ومناط المثلية كونه بطريق الملك، وفي جعل هذه السورة أو إيحائها مشبها به من تفخيمها والتنويه بها ما لا يخفى، وخلاصة ما تشير إليه الآية: أن الله ذكر معانى هذه السورة في القرآن وفي جميع الكتب السماوية لما فيها من الإرشاد إلى الحق، وهو العزيز في انتقامه الحكيم في أقواله وأفعاله.
٤ - ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤)﴾:
استئناف مقرر لعزته - تعالى - وحكمته - عَزَّ وَجَلَّ - في قوله - سبحانه -: (اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) من الآية السابقة أي: لله وحده ما في السموات وما في الأرض خلقًا وملكًا وتدبيرا وهو العلى شأْنه العظيم برهانه.
٥ - ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥)﴾:
الآية واردة للتنزيه بعد إثبات الملكية والعظمة لله - تعالى - في الآية السابقة أي: تقرب السموات أن يتشققن من أعلاهن مع عظمتهن وتماسكهن خشية من الله وتأَثرا بعظمته وعلو شأْنه وروى ذلك عن قتادة، وأخرج جماعة منهم الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: تكاد السموات يتشققن من الثقل لكثرة ما على السماء من الملائكة. قال - عليه السلام -: "أطَّتِ