الداخلين فيهما قطعا، فلم يشأْ جعل الكل أُمة واحدة بل جعلهم فريقين تبعًا لاختيارهم بعد ما أرسل إليهم رسله مبشرين ومنذرين فيتأَثر بعضهم بالإنذار فيصرفون اختيارهم إلى الحق فيوفقهم الله - تعالى - إلى الإيمان والطاعات، ويدخلهم في رحمته - عز وجل - ولا يتأثر به الآخرون، ويتمادون في غيهم، فيبقون في الدنيا على ما هم عليه من الكفر، فينتهون في الآخرة إلى السعير من غير ولى يلي أمرهم ولا نصير يخلصهم من العذاب، قال مقاتل: ولو شاءَ الله لجمعهم على الهدى، أي: مؤمنين كلهم على دين الإِسلام كما في قوله - تعالى -: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى) أي: ولو شاء الله لجعلهم أُمة واحدة. لقسرهم على الإيمان، ولكن الله - تعالى - بنى أمرهم على أن يختاروا ليدخل المؤمنين في رحمته وهم المرادون بقوله - تعالى -: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ) ويعذب الكافرين الذين ظلموا أنفسهم وقيل في ختام الآية: (وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) ولم يقل: ويدخل من يشاء في عذابه للإيذان بأَن الإدخال في العذاب من جهة الداخلين بموجب سوء اختيارهم لا من جهته تعالى، كما في الإدخال في الرحمة، على أن ذلك أبلغ في تخويفهم لإشعاره بأَن كونهم في العذاب أمر مفروغ منه إنما الكلام في - أنه بعد تحتمه - هل من يخلصهم بالدفع أو بالرفع، فإذا انتقى ذلك علم أنهم في عذاب لا خلاص منه حيث لا ولى يتكفل بحمايتهم ولا نصير ينقذهم.
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩)﴾
المفردات:
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) أي: بل اتخذوا أصناما وأوثانا يلون أمورهم.
(وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى) أي: عند البعث.
(وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي: أن غيره من الأولياء لا يقدر على شيءٍ.


الصفحة التالية
Icon