بعد وفاة الأنبياء الذين أُرسلوا إليهم، إذ لم يتكفل الله بحفظها لأنها ليست نهاية التشريع ولا خاتمته، فالتشريع الخاتم جاءَ به النبي - ﷺ - خاتم الأَنبياء والمرسلين، ومن هنا كان القرآن الكريم مهيمنا ورقيبا على ما جاء فيها، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ (١).
٢ - الوحي غير المتلو وهو ما يلي:
(١) السنة النبوية المطهرة لقوله - تعالى -: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (٢) والسنة الشريفة منزلة من عند الله بالمعنى، أَما لفظها فهو من عند النبي - ﷺ - وليست معجزة بألفاظها وأسلوبها ولا متعبدا بتلاوتها كالقرآن الكريم، ولا تصح الصلاة بها بخلاف القرآن العطيم، فإنه معجزة في ألفاظه، متعبد بتلاوته، ولا تصح الصلاة بدونه.
هذا، ومن الوحى: اجتهاد الرسول - ﷺ -، لأن الله - جل شأنه - يقره عليه إذا أصاب، وينبهه ويرشده إلى الخطأ إن أخطأ، ولا يقره عليه بل يدله على الصواب.
وفي عصرنا الحديث - ظهر بعض المسلمين الذين ينكرون العمل بالسنة وقد أخبر الرسول عنهم بذلك فقد روى أبو داود والترمذى وابن ماجة عن المقدام بن معد يكرب أنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "ألَا إني أوتيتُ القرآن ومثله معه، ألَا يوشك رجل شبعان على أريكته فيقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتُم فيه من حلالٍ فأحِلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحَرِّموه، ألَا إنّ ما حرَّم رسول الله كما حرم الله".
(ب) الحديث القدسى: وهو ما كان مضافا إلى الله - تعالى - كقوله - ﷺ - فيما يرويه عن ربه: "يا عبادى إنِّى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا" وهو كالحديث النبوى معناه من عند الله، أما لفظه فقيل: إنه من عند الرسول - ﷺ - ونسب إلى الله - سبحانه - لأنه موجه منه - جل شأنه - إلى عباده ولزيادة الاهتمام بمضمونه، وحث النفوس
(٢) سورة النجم، الآيتان ٣، ٤.