وقيل المراد من النعمة في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾: هو الهداية للإسلام وتفضله - سبحانه - علينا برسول الله - ﷺ - وجعلنا خير أمة أخرجت للناس. أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مِجّلز قال: رأى الحسين بن عليّ - رضي الله عنهما وكرم وجهيهما - رجلًا يركب دابة فقال: سبحان الذي سخر لنا هذا، فقال الحسين: أو بذلك أُمِرْتَ. فقال الرجل فكيف أقول؟ قال: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، الحمد لله الذي مَنَّ علينا بمحمد - ﷺ -، الحمد لله الذي جعلنا خير أمة أخرجت للناس، ثم تقول: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾.
﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ أَي: وما كنا أبدًا مطيقين ذلك ولا قادرين عليه، فأَنت يا ربنا بيدك نواصى الأمور.
١٤ - ﴿وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾:
أي: وإنا لراجعون وصائرون إلى الله ربنا بعد مماتنا، وفي ذلك تنبيه للعاقل الأريب أن يتخذ من أُمور الدنيا عبرة يعتبر بها وينظر من خلالها إلى الآخرة، فإذا ركب الأنعام والفلك ذكر ركوبه ورحيله إلى الآخرة، وإذا تزود للدنيا تنبه إلى زاد الآخرة، وهو التقوى ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ (١) وإذا تزين بلباس الدنيا دفعه ذلك إلى أن يتحلى ويتجمل بالتقوى لباس الآخرة ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ (٢).
﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)﴾

(١) سورة البقرة من الآية ١٩٧.
(٢) سورة الأعراف من الآية ٢٦.


الصفحة التالية
Icon