وعبر بقوله: ﴿بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾ مع أنهم ليسوا على شيء من الهدى مجاراة لقولهم: إنهم على هدى، أو أفعل التفضيل هنا على غير بابه، والمراد أن ما جاءهم به هو الهدى دون ما عليه الآباء.
٢٥ - ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾:
فانتقمنا من الأُمم المكذبة لرسلها بعذاب الاستئصال، فتأمل - أيها الرسول - كيف كانت عاقبة المكذبين لرسلهم، وسوف يلاقى قومك مثل جزائهم إن أصروا على كفرهم فلا تحزن عليهم.
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
المفردات:
﴿بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾: براء: مصدر بَرِئ، بمعنى تباعد، والوصف منه: برىء، ويستعمل براء بدلًا من برىء للمبالغة في البراءة، ولا يثنى ولا يجمع كشأن المصادر، فيقال: رجلان براء ورجالٌ بَرَاء، أما بَرِيء فيثنى ويجمع فيقال: بريئان وبريئون وبرآءُ.
﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ (١) أي: ابتدأنى واخترعنى، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كنت لا أدرى ما فاطر السموات حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي: ابتدأتها. ولفظ "إلاَّ" في قوله: ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ بمعني لكن.
﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾: وجعل الله، أو جعل إبراهيم كلمة التوحيد المفهومة من قوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ - جعلها - كلمة باقية في ذرية إبراهيم.

(١) فطر: من باب نصر.


الصفحة التالية
Icon