أمرها إليهم، لعجزهم عن تدبيرها، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات متفاوتة في الرزق وغيره من مظاهر الحياة، فمنهم ضعيف وقويٌّ، وغنيٌّ وفقير، ورئيس ومرءُوس، وحاكم ومحكوم، ليسخر بعضهم بعضًا في مصالحهم، ويستخدموهم في مهنهم حتى يتعايشوا، لا لكمال في الموسع عليه، ولا لنقص في المقتر عليه، فنحن الذين نقسم رحمتنا لا هم، ولو فوضنا ذلك إلى تدبيرهم لهلكوا.
فإذا كانوا في تدبير خاصة أمرهم بهذا العجز، فما ظنهم بتدبير أمر الدين؟! ومن أين لهم البحث عن أمر النبوة التي هي من رحمة الله، واختيار مَنْ يصلح لها ويقوم بأمرها، ورحمة ربك بالنبوة وما يتبعها من سعادة الدارين، أو رحمته بالهداية إلى الإيمان خير ممَّا يجمعون من حطام الدنيا، فالعظيم من رُزق تلك الرحمة دون حطام الدنيا، فلا وجه لتعاليكم على محمد بمال أو بجاه.
﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾
المفردات:
﴿وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾: ومصاعد عليها يصعدون إلي عوالى قصورهم.
﴿وَسُرُرًا﴾: جمع سرير، ويطلق على مكان النوم المعروف، وعلى الكرسى الذي يجلس عليه، وهو المراد هنا، ولذا جاءَ بعد السرر. قوله - سبحانه -: ﴿عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ﴾.