وإما مصدر ذكر، أي: ومن يَتَعَامَ عن أن يذكر الرحمن نُتِحْ ونسبب له شيطانًا يستولى عليه استيلاء القَيْضِ على البيض، والقيض: قشر البيضة الخارجى.
ومعنى الآية: ومن يَتَعَامَ ويعرض عن القرآن الذي أنزله الرحمن، أو عن أن يذكر الرَّحمن وألوهيته ونعمه، فانغمس في كفرهم ومعاصيه، نجعل له شيطانًا جزاءً له على كفرهم، فهو قرين له في الدنيا، يمنعه من الواجب والحلال، وينهاه عن الطاعة ويأمره بالمعصية، فهو مصاحب له في الدنيا لإغوائه، وفي الآخرة حتى يدخل معه النار، جزاءً له عن تعاميه أو عماه عن ذكر الرحمن.
وقد جاء في الخبر: "إن الكافر إذا خرج من قبره يشفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخلا النار، وإن المؤمن يشفع بملك حتى يقضى الله بين خلقه".
٣٧ - ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾:
ذكر ضمير الكافر هنا بلفظ الجمع؛ لأن (من) في قوله: ﴿وَمَنْ يَعْشُ﴾ جَمعٌ في المعنى وإن كان مفردًا في اللفظ.
والمعنى: وإن الشياطين ليصدون في الدنيا قرناءهم من كفرة الإنس، ويحسب هؤلاء الكفار أنفسهم أنهم مهتدون، وقيل: ويحسب الكفار أن الشياطين مهتدون فيطيعونهم.
٣٨ - ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾:
أي: ويستمر هؤلاء الكفار معرضين عن ذكر الله، حتى إذا جاءَنا كل واحد منهم مع قرينه قال الكافر للشيطان المقارن له: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين (١)، حتى لا أستمع إغواءك فبئس الصاحب أنت.
٣٩ - ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾:
هذه الآية حكاية ما يقال لهم من جهة الله تعالى.

(١) تقدم في المفردات بيان المراد من المشرقين فارجع إليه.


الصفحة التالية
Icon