وعلى هذا يكون أسلوب القرآن مع قريش في هذا الموضوع له طريقتان:
(إحداهما) أن يكون الخطاب موجهًا إلي جماعتهم، وذلك في قول الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (١).
(وثانيهما) أن يكون موجهًا إلى كل واحد منهم، وذلك في قوله تعالى هنا: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾.
وفي كلا الوجهين من البلاغة ما فيه، فقد جعل سؤال أمم الرسل سؤالًا لنفس الرسل، لأنهم سيجيبون من كتبهم، والله تعالى هو الموفق.
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠)﴾
المفردات:
﴿وَمَلَئِهِ﴾ أي: وأشراف قومه، وخصوا بالذكر؛ لأنهم بطانته وجلساؤه، وغيرهم تبع لهم، وقد يطلق الملأ على الجماعة كما في المختار.
﴿بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ﴾: بعهده عندك أننا إن آمنا كشف عنا العذاب.
﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ أي: في المستقبل.
﴿يَنْكُثُونَ﴾: ينقضون العهد.

(١) سورة النحل من الآية: ٤٣.


الصفحة التالية
Icon