٧٢ - ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢)﴾:
أي: يقال لهم على سبيل الامتنان والتفضل: تلك الجنة التي كانت توصف لكم في الدنيا جعلت لكم كالميراث (بما كنتم تعلمون) أي: بسبب ما كنتم تعملون من الأعمال الصالحة، حيث شبه ما استحقوه بسبب أعمالهم من الجنة ونعيمها الباقي لهم - شُبِّه - بما يخلفه المرء لوارثه من الأملاك والأرزاق، وأيًّا ما كان فدخول الجنة بسبب العمل لا يتم إلا بفضل الله ورحمته - عَزَّ وَجَلَّ - والمراد بقوله - ﷺ -: "ليس يدخل أحدكم الجنةَ عملُه" أن إدخال العمل الجنة لا يكون على سبيل الاستقلال والسببية التامة، فلا تعارض، وقال ابن عباس: خلق الله لكل نفس جنة ونارًا، فالكافر يرث نار المسلم، والمسلم يرث جنة الكافر، وذلك قوله: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا... ﴾ الآية.
٧٣ - ﴿لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾:
أي: لكم أيها المؤمنون في الجنة سوى الطعام والشراب فاكهة كثيرة بحسب الأنواع والأصناف لا بحسب الأفراد فقط، قال ابن عباس: هي الثمار كلها رطبها ويابسها، لا تأكلون إلا بعضها في كل نوبة. وأما الباقي فعلى الأشجار دائمًا بحيث لا ترى شجرة منها خلت من ثمرها لحظة؛ فهي مزينة بالثمار أبدا، خلاف أشجار الدنيا التي تخلو منها كثيرًا، وفي الحديث: "لا ينزع رجلٌ في الجنة من ثمرها إلا نبت مكانها مثلها".