غاية في الحرارة كدُرْدِيِّ الزيت، أَو دردى القطران يغلى في جوفه كغلى الماء الذي بلغ أَعلى درجات الحرارة فيقطع أَمعاءَه.
٤٧، ٤٨ - ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ﴾:
يقال لزبانية جهنم: جرّوه في عنف وشدة واحتقار ومهانة فارموه وسط النار، ثم ضاعفوا عليه العذاب فصبوا فوق رأْسه من هذا العذاب ما يحرق جلده، فيجتمع عليه من العذاب عذاب الباطن والظاهر.
٤٩ - ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾:
وقولوا له - زيادة في الامتهان، وإمعانا في الإِذلال والتقريع والتوبيخ -: ذق وتجرع من صنوف العذاب وألوانه، فلطالما ادّعيت لنفسك في كفرك وغُلَوَائك أَنك أَنت العزيز الذي لا يُذل، الكريم الذي لا يُمتهن ولا يبتذل.
روى أن أبا جهل عمرو بن هشام قال لرسول - ﷺ -: ما بين جبليها أَعز ولا أكرم مني، فوالله ما تستطيع أنت ولا ربّك أَن تفعلا بى شيئًا. فقد علمت أَنى أمنع أَهل البطحاء وأَنا العزيز الكريم، فنزلت:
٥٠ - ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾:
أي: إن هذا العذاب الذي تقاسون، والجزاء الذي تلاقون، إن هذا ما كنتم تنكرون وتشكُّون فيه، وعدل الأُسلوب من الإِفراد إلى الجمع باعتبار المعنى؛ لأَن المراد جنس الأَثيم.