أَي: ومن جملة ما يتنعمون به الخلود الدائم في الجنَّة لا يذوقون فيها الموت، ولا يلحقهم إلا الموتة الأُولى التي فارقوا بها الحياة لينعموا بعدها بنعيم الآخرة، والمقصود أَنهم لا يذوقون فيها الموت أَبدا، ولفظ (إلاَّ) بمعنى لكن، أَي: لكن يذوقون الموتة الأولى فحسب.
﴿وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ أي: حقق الله لهم هذا النعيم كله وحفظهم من العذاب وجنبهم دار الجحيم، وفيه الإشارة إلى أَن وقايتهم من عذاب جهنم وحدها أعظم نعمة، وأجلّ تكريم، فكيف إذا انضم إليها كل هذا النعيم.
وإنما خصمهم بذلك، وإن كان أهل الآخرة كلهم لا يموتون، لما في ذلك من البشارة لهم بالحياة الهنيئة في الجنة، فأَمّا من يكون في النار، وفيما هو فيه من الشدة والهول فإنه لا تطلق عليه هذه الصفة؛ لأَنه يموت موتات كثيرة بما يقياسيه من أَهوال، وما يعانيه من عذاب ونكال، ثم يحيى بعد كل موتة ليعود إليه العذاب، وقوله تعالى: ﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ معناه: هذا الذي نالوه من ألوان النعيم في الجنة نالوه وأعطوه تفضلا من الله وتكرُّمًا، فإِن جمع أعمالهم الصالحة لا تكافيءُ أَبسط نعم الله عليهم في الدنيا. ذلك الذي نالوه هو الفوز المظيم الذي لا فوز وراءَه، لأنه خلاص من المكاره والمعاطب، وتحقيق للمطالب والرغائب.
﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)﴾
المفردات:
﴿يَسَّرْنَاهُ﴾: سهلناه.
﴿بِلِسَانِكَ﴾: بلغتك العربية.
﴿فَارْتَقِبْ﴾: فانتظر.