في هذا الشأن مبني على فهم واجتهاد، وليس لا سند قاطع من كتاب الله - تعالى - أو من سنة رسوله - ﷺ - والأسلم والأحكم أن نترك أمر المراد منها إلى علم الله فنقول: الله أعلم بمراده.
٢ - ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
أي: هذا القرآن العظيم منزل من عند الله العزيز الذي لا يغالب ولا يقهر، بل هو القاهر فوق عباده وهو - سبحانه - الحكيم في خلقه وتدبيره، وليس لأحد من الخلق دخل في تأليف هذا القرآن الكريم على آية صورة من الصور.
٣ - ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾:
أي: ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما مما يعلمه وما لا يعلمه المخلوقون جميعًا إلاَّ خلقًا ملازما للحق لا ينفك عنه ولا سبيل إلى العبث فيه؛ قال تعالى: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا باطلًا﴾ (٢) وقال جل شأنه: ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعبين. ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ (٣) فهذا الخلق منه - سبحانه - قد ارتبط بالتدبير الحكيم، والتقدير العظيم ليدل به - تعالت عظمته - على تفرّده ووحدانيته وكمال قدرته، وأنه هو الذي يجب أن يعبد دون سواه كما أن هذا الخلق للسموات والأرض وما بينهما مقدر بأجل وزمان ينتهى عنده، ثم بعده يكون فناء الدنيا وقيام الساعة: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات﴾ (٤). وإن هؤلاء الكفار عن الهول والنكال الذي أنذروا وخوفوا به من أهوال الآخرة من الحشر والحساب والصراط والميزان وما ينتهى إليه أمرهم من العذاب المقيم - إن هؤلاء الكفار - معرضون عنه لا يلتفتون إليه ولا يفكرون فيه جهلا وكبرًا واستهزاءً..
(٢) ص، من الآية: ٢٧.
(٣) الدخان، الآيتان: ٣٨، ٣٩.
(٤) إبراهيم، من الآية: ٤٨.