فنونها وضروبها، فكيف تنكرونه وتجحدونه؛ وهو أفصح بيانا وأظهر برهانا وأبلغ إعجازا من التوراة؟
﴿لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين﴾ أي: ليكون القرآن الكريم إنذارًا وتخويفًا متجددًا للذين ظلموا غيرهم بالافتراء والكذب عليهم، كما ظلموا أنفسهم بحرمانها من الخير العظيم والنعيم المقيم في الآخرة، مع تعريضها للعذاب الأليم والهوان والذل في النار، كما يكون القرآن بشارة وإخبارًا بالمنزلة الكريمة عند الله للذين أحسنوا وأخلصوا أعمالهم وراقبوا مولاهم في سرهم وعلانيتهم.
وفي هذا تحذيرٌ للمؤمنين أن يسلكوا مسالك الذين ظلموا؛ ودعوة إلى الكافرين أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه ليعمهم بإحسانه وفضله، فباب التوبة مفتوح، والله - سبحانه - يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (١).
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
التفسير
١٣ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾:
أي: إن الذين قالوا بلسانهم تعبيرًا عما اشتملت عليه قلوبهم، ودلالة على ما اطمأنت به نفوسهم، وأذعنت له أفئدتهم، قالوا: ربنا الله رعانا بإحسانه وحفَّنا بلطفه، وتكفل