الناس عن الإِسلام ويأمرونهم بالكفر، وقد أنفقوا في سبيل ذلك نفقة كثيرة، وقيل: المراد بهم أهل الكتاب الذين كفروا وصدوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإِسلام، وقيل: هم أهل مكة الذين كفروا بتوحيد الله وصدوا عن الإِسلام من أراد الدخول فيه، والحق أن الآية عامة لكل من كفر وأعرض عن الإِسلام، أو كفر ومنع الناس من الدخول فيه (١) ويدخل في العموم كل ما نقل من أقوال دخول أوليا، هؤلاء أبطل الله أعمالهم وجعلها ضائعة ليس لها من يثيب عليها، ولا أثر لها أصلًا، بمعنى أنه حكم ببطلانها وضياعها لا بمعنى أنه أبطلها وأحبطها بعد أن لم تكن كذلك، وبطلانها بإبطال كيدهم ومكرهم بالنبي - ﷺ - حيث جعل الدائرة تدور عليهم، أو بإبطال ما عملوه في كفرهم مما كانوا يسمونه مكارم من صلة الأرحام، وترى الأضياف، وحفظ الجوار وعمارة المسجد الحرام ونحوها من كل مكرمة لهم وفخر.
٢ - ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾:
قال ابن عباس فيما صح عنه: هم أهل المدينة الأنصار، وقيل: هم ناس من قريش، وقيل: من أهل الكتاب، والحق أن الآية عامة ويدخل فيها من ذكر دخولا أوليا، وتخصيص الإيمان بما نزل على محمَّد مع دخوله فيما قبله تنبيه على سمو مكانته بين الكتب السابقة التي جاء بها الرسل قبله.
والمعنى: والذين آمنت قلوبهم، وانقادت جوارحهم فعملوا الأعمال الصالحة، وآمنوا بما أنزله الله على رسوله محمد - ﷺ - وهو القرآن الكريم، أولئك المؤمنون الذين وصفوا بما ذكر ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ التي حدثت منهم قبل الإيمان فأزالها ولم يؤاخذهم بها. ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ أي: حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور الدين، والتسليط على الدنيا بما أعطاهم من النصر والتأييد على عدوهم حتى دانت لهم مشارق الأرض ومغاربها.