﴿فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ أي: فلن يضيعها وإنما يجازيهم بها أحسن الجزاء.
﴿عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ أي: يهدى أهل الجنة إلى مساكنهم فلا يخطئونها، وذلك إلهامٌ منه تعالى.
التفسير
٤ - ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾:
بدئت الآية بالفاء لترتيب ما في حيزها من الأمر بجهاد الكافرين على ما قبلها من ضلال أعمال الكفرة وخيبتهم، وصلاح أحوال المؤمنين وفوزهم، مما يقتضي أن يترتب على كل من الجانبين ما يليق به من الأحكام.
والمراد بالذين كفروا - كما قال ابن عباس. -: المشركون عبدة الأوثان، وقيل: كل من خالف دين الإِسلام من مشرك أو كتابى إذا لم يكن صاحب عهد ولا ذمة، ذكره الماوردى، واختاره ابن العربي وقال: وهو الصحيح لعموم الآية فيه.
وهؤلاء الكافرون أنتم مأمورون بضرب رقابهم في الحرب، وهو كناية عن قتلهم في أي موضع، وعبر به عنه لتصوير القتل بأبشع صورة وهو حز العنق، وفصل العضو الذي هو رأس البدن وأشرف أعضائه، ومجمع حواسه، وفي بقاء الجسد ملقى بدون رأسه شناعة ما بعدها شناعة. ﴿حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ﴾ بأن أكثرتم فيهم القتل، وأخذتم من لم يقتل منهم أسرى بعد أن أوهنتموهم بالجراح. ﴿فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ أي: فأحكموا قيدهم حتى لا يفلتوا منكم، وعندما يتم التحفظ عليهم تكون عاقبة أمرهم التخيير فيهم. ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ وظاهر الآية على ما ذكره السيوطي في أحكام القرآن العظيم -: امتناع القتل بعد الأسر، وبه قال الحسن، وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أنه قال: أتى الحجاج بأُسارى فدفع إلى ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - رجلًا يقتله فقال ابن عمر: ليس بهذا أمرنا، إنما قال