والمعنى: مثل الجنة الموعودة للمؤمنين، وشأنها العجيب ما يتلى عليكم من جلائل النعم، في هذه الجنة أنهار من الماء النقى المتجدد الذي لم يداخله كدر، ولم يلحقه تغير في لون أو طعم لطول مكثه، وأنهار من لبن لم تطرأ عليه حموضة ولم يستكره له طعم، كما يحدث في ألبان الدنيا، وأنهار من خمر لذيذ الطعم مستساغ المذاق ليس فيها كراهية ريح، ولا غائلة سكر، ولا يجد شاربها إلاَّ اللذة والمتعة، وأنهار من عسل خالص صرف مصفى من الشمع، ومن جميع الشوائب وفضلات النحل، وفيها غير هذا من كل الثمرات، وأصناف المطعومات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وكل ذلك من الوفرة والكثرة بحيث لا يخاف منه حرمان، ولا إقلال. ولهم قبل هذا مغفرة واسعة من ربهم تمحو ذنوبهم، وترفع درجاتهم.
وقوله تعالى: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾ معناه: أمَثَل الجنة التي أعدت للمتقين وعلمتم أوصافها كمثل جزاء من هو خالد في النار متهاوٍ في دركاتها، شرابُهم فيها الحميم الشديد الحرارة، فإذا شربوا منه قطع أمعاءهم؟!
والتعبير عن فريق المؤمنين بالمتقين يؤذن بأن الإيمان والعمل الصالح من باب التقوى الذي هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها، وترك السيئات عن آخرها ليتقى عذاب الله على تركها. كما أن التعبير عن فريق الكافرين بمن هو خالد في النار، لإبراز مهانتهم بسوء مآلهم، وتأبيد عذابهم.


الصفحة التالية
Icon