٢٦ - ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾:
المعنى: ذلك الارتداد إلى الكفر، والنكسة إلى الجاهلية بسبب أن هؤلاء المرتدين قالوا للذين كرهوا ما نزل الله من القرآن على سيدنا محمَّد - ﷺ - حقدا وحسدا مع علمهم أنه من عند الله، وطمعا في إنزاله عليهم، وهم يهود بني قريظة والنضير الذين قال لهم المرتدون: سنطيعكم في بعض الأمر، أي: في بعض أُموركم وأحوالكم، وهو ما حكى عنهم في قوله - تعالى -: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١١)﴾ (١) أي: سنطيعكم في بعض ما تأمرون به كالقعود عن الجهاد، والموافقة على الخروج معهم إذا خرجوا، والتناصر مع اليهود، وغير ذلك مما بيَّتوه سرًّا، ودبروه خفية ففضحه الله، والله يعلم إسرارهم وإخفاءهم فيكشفه في الدنيا، ويعذبهم عليه في الآخرة.
٢٧ - ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾:
المعنى: هؤلاء المرتدون يفعلون ما يفعلون، ويحتالون بحيلهم الخسيسة في الدنيا، فكيف يكون حالهم، وأي شيء يفعلون إذا حضرهم الموت، وغلَّلتهم أعراضه وغشيتهم أهواله، فلم تبق لهم حيلة، ولم يستطيعوا فكاكًا أو وسيلة، وتتوفاهم الملائكة على أهول الوجوه وأفظع الحالات، يضربون وجوههم احتقارًا وأدبارهم امتهانًا واستصغارًا.
وضرب الوجوه والأدبار زيادة في المهانة والإذلال، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "لا يتوفى أحد على معصية إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره".
٢٨ - ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾:
ما تزال الآيات تمضي في أحوال المرتدين وتكشف سلوكهم.