القول الأول: المنع (١).
ومن أدلتهم:
الدليل الأول: أن القرآن الكريم كتاب هداية، وأن الله لم ينزله ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم، ودقائق الفنون، وأنواع المعارف، وإنما القرآن في تناوله لتلك الحقائق العلمية يهدف إلى ما هو أعظم من ذلك بكثير، وهو هداية ودلالة الخلق للإيمان بالله -عز وجل- وعبادته وحده لا شريك له (٢)، قال تعالى: ﴿طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٣).
الدليل الثاني: أن القرآن في أعلى درجات البلاغة، فإذا قلنا بأن القرآن متضمن لكل العلوم، وألفاظه محتملة لهذه المعاني المستحدّثة، للزم أن من أنزل عليهم القرآن يجهلون هذه المعاني.
وإن قيل: إنهم كانوا يعرفونها. قيل: فلِمَ لم يتكلموا بها وتظهر نهضتهم من لدن نزول القرآن الذي حوى علوم الأولين والآخرين؟ ولِمَ لم تقم نهضتهم على هذه الآيات الشارحة لمختلف العلوم وسائر الفنون؟.
الدليل الثالث: أن التفسير العلمي للقرآن والسنة يعرضهما للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان، والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الآخر، وقد اعترف علماء المادة

(١) انظر: الموافقات: ٢/ ١٠١، ومقال لمفتي مصر السابق محمود شلتوت ضمن مجلة الرسالة - القاهرة، العدد (٤٠٧)، (٤٠٨) من السنة التاسعة، إبريل سنة ١٩٤١، بواسطة كتاب التفسير العلمي للقرآن في الميزان، والتفسير: نشأته- تدرجه-تطوره: ٥٤، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب: أحمد الدويش، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، الرياض، ط٣: ٤/ ١٨٠، وكتاب العلم للشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين، إعداد: فهد السليمان، دار الثريا، الرياض، ط١: ١٥٧، واتجاهات التفسير في العصر الراهن: ٣٠٢ - ٣١٣، واتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر: ٢/ ٥٧٨ - ٥٩٨، وحكم تفسير القرآن بنظريات علمية حديثة للشيخ صالح بن فوزان الفوزان، مقال ضمن مجلة الدعوة، العدد (١٤٤٧)، محرم ١٤٢١: ٢٣، وخلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن الكريم بين المجيزين والمانعين: ١٠٣ - ١٠٤، والتفسير العلمي للقرآن في الميزان: ١١٣، ٢٦٩.
(٢) انظر: الموافقات: ٢/ ١١٢، ١٢٧، مناهل العرفان في علوم القرآن: ٢/ ٢٧٥.
(٣) النمل: ١ - ٢.


الصفحة التالية
Icon