الأول: علم التأثير، وهو أن يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية; فهذا محرم باطل، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» (١).
وقال -صلى الله عليه وسلم- في الشمس والقمر: «إنهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته» (٢)، فالأحوال الفلكية لا علاقة بينها وبين الحوادث الأرضية.
الثاني: علم التسيير، وهو ما يستدل به على الجهات والأوقات; فهذا جائز، وقد يكون واجبا أحيانا، كما قال الفقهاء: إذا دخل وقت الصلاة يجب على الإنسان أن يتعلم علامات القبلة من النجوم والشمس والقمر (٣)، قال الله تعالى: ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ (٤)، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (٥).
ونسبة الحوادث إلى الكواكب على أقسام (٦):
القسم الأول: نسبة الفعل للكوكب، وادعاء أنه هو يفعل بذاته فهذا كفر أكبر؛ لأن الخلق والأمر لله وحده، كما قال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ (٧).
القسم الثاني: اعتقاد أن الفعل من عند الله، مع نسبته إلى الكوكب والنوء نسبة سبب،

(١) سنن أبي داود، كتاب الطب، باب في النجوم: ٤٢٨ برقم (٣٩٠٥)، وسنن ابن ماجه، كتاب الأدب، باب في تعلم النجوم: ٤٠٠ برقم (٣٧٢٦)، والإمام أحمد في مسنده: ٥/ ٤١ برقم (٢٨٤٠)، وقال محققه: إسناده صحيح. وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود: ٢/ ٧٣٩.
(٢) سبق تخريجه: ٥.
(٣) انظر: المغني: ٢/ ١٠٢ وما بعدها، وروضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي، إشراف زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط٣: ١/ ٢١٧.
(٤) النحل: ١٦.
(٥) الأنعام: ٩٧.
(٦) انظر: تيسير العزيز الحميد: ٣٩٤، والقول المفيد: ٢/ ٣١، والتنجيم والمنجمون وحكم الإسلام في ذلك: ١٥٢ وما بعدها.
(٧) الأعراف: ٥٤.


الصفحة التالية
Icon