قال ابن القيم (١) -رحمه الله- في بيان هذا الأمر: "فالطريق الأول: النظر في مفعولاته، والثاني التفكر في آياته وتدبرها، فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة المعقولة، فالنوع الأول: كقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ (٣)، وهو كثير في القرآن.
والثاني: كقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ (٤)، وقوله: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ (٥)، وقوله: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ (٦)، وهو كثير أيضاً" (٧).
ولما سُألت عائشة -رضي الله عنها- عن أعجب شيء رأيته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: لما كان ليلةٌ من الليالي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي». قُلت: والله إني لأحب قُرْبَكَ، وأحب ما سرك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي. قالت: فلم يزل يبكي حتى
انظر: ذيل طبقات الحنابلة: ٤/ ٤٤٧، وشذرات الذهب: ٦/ ١٦٨.
(٢) البقرة: ١٦٤.
(٣) آل عمران: ١٩٠.
(٤) النساء: ٨٢.
(٥) المؤمنون: ٦٨.
(٦) ص: ٢٩.
(٧) الفوائد لابن القيم، تحقيق: أحمد راتب عرموش، دار النفائس، بيروت، ط٦: ٣١.