المطلب الثالث: الحكمة من الآيات الكونية
في القرآن الكريم ما يزيد على ألف آية تتحدث عن معالم هذا الكون، وتذكر مفرداته من السماوات والأرض، والشمس والقمر، والكواكب والنجوم، والجبال والبحار والأنهار، والمطر والرعد والبرق (١).
وهذه الآيات الكونية وما تدل عليه من حقائق علمية، لم تذكر في القرآن الكريم لمجرد الذكر، أو من أجل بيانها للناس ودلالتهم عليها ابتداءً، وإنما هي سيقت مساقا تابعا للغرض والهدف الذي ذكرت في ثناياه، من الاستدلال بها على قضايا كبرى: كالألوهية والنبوات والبعث (٢).
فهذا الكون وعجائبه وتنوعه علامات بينة تثبت قدرة الله وحكمته ووحدانيته لمن يتفكر ويتدبر.
قال ابن القيم -رحمه الله- في بيان الحكمة من هذه الآيات الكونية: " ولهذا يستدل سبحانه في كتابه بالحوادث تارة، وباختلافها تارة، إذ هذا وهذا يستلزم ربوبيته وقدرته واختياره، ووقوع كل الكائنات على وفق مشيئته، فتنوع أفعاله ومفعولاته من أعظم الأدلة على ربوبيته وحكمته وعلمه"...
ثم قال: "والمقصود أن تنويع المخلوقات واختلافها من لوازم الحكمة والربوبية والملك، وهو أيضا من موجبات الحمد، فله الحمد على ذلك كله أكمل حمد وأتمه أيضا" (٣).
(٢) انظر: سمات الآيات الكونية الواردة في القرآن الكريم للشيخ ناصر الماجد، موقع ملتقى أهل التفسير على الشبكة العنكبوتية، ١٤٢٥: ٥، Http://www.tafsirmail.com/index.php؟subaction
=showfull&id=١٠٧٩٩٠٨٣٨١&archive=&start_from=&ucat=١&do=maqalat
(٣) طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، دار ابن القيم، الدمام، ط١: ٢١٤ - ٢١٥.