وقد بين الله -عز وجل- لبعض الآيات الكونية حكماً خاصة بها بالإضافة إلى الحكم السابقة من كمال القدرة والدلالة على الربوبية والألوهية والبعث، ومن ذلك الحكمة في خلق النجوم، قال تعالى: ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ (٢).
قال قتادة -رحمه الله-: " خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به" (٣).
قال ابن سعدي -رحمه الله-: " والحاصل أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات، وتغلغل فكره في بدائع الكائنات، علم أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائف آيات، وكتب براهين ودلالات على جميع ما أخبر به عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر، وأنها مدبرات مسخرات، ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها، فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون، وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا هو، ولا رب سواه" (٤).
(٢) الملك: ٥.
(٣) سبق تخريجه: ٣٩.
(٤) تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القران لعبد الرحمن بن سعدي، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، ط١: ٣٢.