ولقد تنوعت أساليب القرآن في تثبيت العقيدة من خلال الآيات الكونية، من ذلك:
أولاً: استخدم القرآن السؤال كطريقة للإقناع والوصول إلى الحق الذي هو التوحيد ونبذ الباطل الذي هو الشرك، مستدلاً على ذلك بذكر بعض الآيات الكونية، فقال تعالى منكرا على الكفار شركهم بالله في عبادته في الوقت الذي يقرون فيه بربوبيته (١): قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (٣)، وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (٤).
ثانياً: تصديق خبر الأنبياء بحصول بعض الآيات الكونية.
فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: انشق القمر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشقتين. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اشهدوا». وفي حديث أنس -رضي الله عنه- أن أهل مكة سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر (٥).
ولذلك ترى المشركين يطلبون من النبي -صلى الله عليه وسلم- تصديق خبره ببعض الآيات الكونية، كما قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (٦).

(١) السؤال في القرآن الكريم وأثره في التربية والتعليم لأحمد بن عبد الفتاح ضليمي، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، العدد (١١١): ٣٨.
(٢) العنكبوت: ٦١.
(٣) العنكبوت: ٦٣.
(٤) الزخرف: ٨٧.
(٥) صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب انشقاق القمر: ٤/ ٢١٥٨ - ٢١٥٩ برقم (٢٨٠٠، ٢٨٠٢).
(٦) العنكبوت: ٥٠.


الصفحة التالية
Icon