عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} (١)، فقد أخبر سبحانه وتعالى عنه أنه يعلم ذلك، ودلالتها على الرب يعلمه عموم الناس" (٢).
فبيّن -رحمه الله-: " أن دلالتها على الصانع فقط والاقتصار عليه باطل، وذلك لأن الدلالة لا تكون في وقت دون وقت، فإن الله أخبر عن الجبال أنها تسبح مع داود -عليه السلام- بالعشي والإشراق، ولو كان المراد الدلالة على الصانع لكان ذلك في كل وقت"...
ثم ذكر -رحمه الله- أن الله ذكر أن سجودها يكون طوعاً وكرهاً، ولو كان متعلقاً بانفعالها لمشيئة الرب وقدرته فإن ذلك لا ينقسم إلى طوع وكره، فقال: "وأيضا فإنه قسم السجود إلى طوع وكره، وانفعالها لمشيئة الرب وقدرته لا ينقسم إلى طوع وكره، ولا يوصف ذلك بطوع منها ولا كره؛ فإن دليل فعل الرب فيها ليس هو فعل منها ألبتة.
والقرآن يدل على أن السجود والتسبيح أفعال لهذه المخلوقات، وكون الرب خالقا لها إنما هو كونها مخلوقة للرب ليس فيه نسبة أمر إليها، يبين ذلك أنه خص الظل بالسجود بالغدو والآصال، والظل متى كان وحيث كان مخلوق مربوب" (٣).
ثم بيّن -رحمه الله- أن كونها ساجدة مسبحة" آية دالة وشاهدة للخالق تعالى بصفاته لكونها مفعولة له، وهذا معنى ثابت في المخلوقات كلها لازم لها، وهي آيات للرب بهذا الاعتبار، وهي شواهد ودلائل وآيات بهذا الاعتبار؛ لكن ذاك معنى آخر، كما يفرق بين كون الإنسان مخلوقا وبين كونه عابدا لله، فهذا غير هذا، هذا يتعلق بربوبية الرب له، وهذا يتعلق بتألهه وعبادته للرب" (٤).
وقال أيضاً في الرد على من قال يلزم لسجودها أن يكون لها سبعة أعضاء، ووضع الجبهة على الأرض: " ولا يجب أن يكون سجود كل شيء مثل سجود الإنسان على سبعة أعضاء
(٢) رسالة في قنوت الأشياء كلها لرب العالمين: ١/ ٤٣.
(٣) المصدر السابق: ١/ ٤٤.
(٤) المصدر السابق: ١/ ٤٤.