ثانياً: عرضها بأبسط السبل ولعامة الناس دون الحاجة إلى التعمق والتكلف.
فالآيات الكونية تعرض في القرآن لجميع الناس على اختلاف مستوياتهم وعقولهم، ولذلك جاءت هذه الآيات بأبسط وأوضح صورة ليعقلها جميع الناس.
فلا يشق على آحاد الناس وعامتهم إدراكها. وبذلك فهي سهلة الإدراك، لا تحتاج إلى أدوات علمية ولا إلى تقنية عصرية. ولا يعني هذا أن العالم والأمي يستويان في درجة الإدراك، بل المقصود أنهما يستويان في حصول أصل الإدراك، وإن تفاوتا في درجته ومبلغه (١).
قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ (٢).
فالمشاهد التي تعرض في هذه الآيات في حاجة إلى العلم لإدراك التدبير والتفكر، وهي معروضة للإنسان حيثما كان، السماء والأرض والجبال والحيوان، وأياً كان حظ الإنسان من العلم فهي داخلة في عالمه وإدراكه، داعية له حين يوجه نظره وقلبه إلى دلالتها بإفراد الله -عز وجل- بالربوبية والألوهية.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ (٣).
فاختلاف الليل والنهار تعاقبهما، ويشمل كذلك اختلافهما طولاً وقصراً، وكلتاهما ظاهرتان مشهودتان يعقلهما كل أحد.
وما خلق الله في السماوات والأرض على اختلاف إشكاله وأنواعه يعقله كل أحد إن في ذلك كله: ﴿لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾.
(٢) الغاشية: ١٧ - ٢٠.
(٣) يونس: ٦.