فيه تعقيد أو غموض، من بعيد أو قريب، ويتحدث إلى أهل العصر بلغة العصر، ويضع نفسه في جو المشاكل التي يتخبط فيها هذا العصر، وفي نفس المستوى الثقافي للعصر. وهذا النوع المتميز بالسهولة واليسر من أساليب البيان، يتجاوب كل التجاوب مع توجيهات القرآن، فقد قال تعالى في سورة القمر المكية ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وأعاد كتاب الله هذه الآية بنفس النص في نفس السياق أربع مرات، فكانت هي الآية السابعة عشرة، والثانية والعشرين، والثانية والثلاثين، والآية الأربعين، كل ذلك ليؤكد معناها، ويلفت النظر إلى مغزاها.
وبديهيّ أن "تيسير القرآن" الذي يؤدي إلى التذكُّر والتدبُّر لا يقف عند حد تيسر تلاوته وحفظه، وإنما يشمل ويضع في الدّرجة الأولى تيسير فهمه وعلمه والعمل به، مصداقاً لقوله تعالى في نفس الآية: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وقوله تعالى في آية أخرى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. وما دام الأسلوب الذي وقع عليه الاختيار لتحقيق هذا الغرض النبيل مستمداً ومستوحىً من نص التنزيل القائل ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ ففي إمكان قراء هذه الأحاديث أن يطلقوا عليها اسم (التيسير في أحاديث التفسير)، أو يطلقوا عليها بناءً على ما بَسَطناه من مختلف الاعتبارات اسم (النهج القَوِيم في تفسير الذكر الحكيم).
هذه كلمات مختصرة وضعتها بين أيدي هذه الأحاديث، قصد تعريف القرّاء الأعزّاء بالظروف التي أوحت بها، والغاية المتوخاة منها، والطريقة المتبعة في إملائها، حتى يكونوا على بَيِّنة من أمرها، وعسى أن تكون هذه الأحاديث فاتحة عهد جديد، بصفتها أول تفسير إذاعي للمصحف الكريم عرفته الإذاعات العربية والإسلامية، في ميدان التوعية الدينية.