فتحملوا وزرهم وأوزار جميع الكافرين الذين أتوا من بعدهم وقلدوهم، كما قال تعالى: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾. توالت الآيات البينات في كشف القناع، وإلقاء الأضواء، على المساوئ التي اتصف بها بنو إسرائيل ومن سلك طريقهم، فمن كتمان لحق وطمس لمعالمه، إلى تزييف للحق وتلبيس له بالباطل، إلى تبديل لكلمات الله وتحريف لمعانيها، إلى نفاق في السلوك وازدواج في الشخصية، ينشأ عنه تناقض صارخ بين الظاهر والباطن، واختلاف كبير بين الأقوال والأعمال، ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ﴾، ﴿فَبَدَّلَ الذِينَ ظَلَمُوا قَولاً غَيرَ الذِي قِيلَ لَهُم﴾.
ثم أخذت الآيات الكريمة في تذكير بني إسرائيل بالأطوار الغامضة المضطربة التي مروا بها، وفي تعريف غيرهم بتلك الأطوار حتى يحسبوا لها ألف حساب في الموعظة والاعتبار.
فمن إشارة إلى المعاملة القاسية والمحنة الكبرى التي لاقوها على يد فرعون وقومه، وما نالهم بعدها على يد موسى الكليم من نجاة وحرية.
ومن إشارة إلى ما أكرم الله به موسى من تكليم ووحي، وما أتى قومه من نعم وارفة الظلال، حيث ظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، وأباح لهم أكل الطيبات من الرزق، وقبل منهم التوبة بعد ارتكاب أكبر الذنوب والموبقات.