الحدود بحيث أصبحت الموعظة لا تؤثر فيهم، والذكرى لا تنفعهم ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. ؟
ومن جهة أخرى، نجد الآيات الكريمة في هذا الربع تسجل غضب الله على بني إسرائيل، جزاء عصيانهم وعنادهم لأمره في مختلف المواقف، وكفاء تجاهلهم التام لإحسانه إليهم في مختلف المناسبات، إذ تقول الآيات: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.
ولا حاجة إلى التأكيد بأن عدل الله سبحانه يقتضي عقاب كل من عصاه وتعدى حدوده، في أي جيل، ومن أية ملة، إن لم يكن بنفس العقاب الذي ناله بنو إسرائيل، فبما يقرب منه ويدانيه، فضرب المثل بقصة موسى وقومه أولا، والقصد إلى الاعتبار بمضمونها وفحواها ثانيا، كل منهما غرض شريف من أغراض القرآن الكريم، ولذلك جاء في نفس السياق بعد قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ - ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾.