وأعدّهم للبذل والعطاء وعظيم التضحيات، فانطلقوا كالسيل الجارف، الجيش الزاحف، يدكّون صروح الاستعمار، في مختلف الدّيار.
وبعد استرجاع الاستقلال في أواسط الخمسينات واصلت العمل على نشر رسالة القرآن، فألقيت عدة أحاديث ومحاضرات في موضوعات مختلفة من الدّراسات القرآنية المتنوعة، كان من بين ما عالجته فيها موضوع " المنهج العلمي لتفسير القرآن " وموضوع " كيف يعيش الإنسان طبقاً لتعاليم القرآن " وموضوع " دستور العمل في شريعة القرآن " وموضوع " رسالة القرآن رسالة خالدة " وموضوع " إعجاز القرآن على ضوء العلم الحديث ". كما قمت خلال نفس الفترة بتفسير عدة سور مفردة، في مناسبات متعددة، لكن دون التزام بعقد مجالس عامة للتفسير بصورة منتظمة.
وذات يوم من أسعد أيام الستينات تلقيت دعوة ملحّة من الإذاعة الوطنية بالمغرب للقيام بإلقاء أحاديث يومية في تفسير القرآن الكريم، لفائدة المواطنين والمواطنات، وكافة المؤمنين والمؤمنات، وذلك برواية ورش عن نافع، التي هي القراءة المتبعة عند المغاربة منذ عدة قرون، فوجدت هذه الدعوة النبيلة هوى في النفس، وحنيناً في القلب، واستجابة روحية كاملة. لكنني أحسست في نفس الوقت بثقل المسؤولية، وصعوبة التكليف، فقد كانت الدُروس والمحاضرات التي اعتدت إلقاءها من قبل قاصرة على الجمهور الذي يتسع له هذا المسجد أو ذاك، وهذه القاعة أو تلك، وذلك الجمهور مهما يكن عدده كثيراً ووفيراً فإنه لا نسبة بينه وبين الجمهور الجديد والعديد الذي يستمع إلى الإذاعة الوطنية كل يوم، من مختلف الأذواق والمشارب المستويات، داخل المغرب وخارجه.
وشاء الله تعالى أن يهديني سواء السبيل عندما عثرت على المفتاح، الذي يمكن أن يكون أول خطوة في طريق التوفيق والنجاح، فقد تبين لي