ثم تنتقل الآيات الكريمة إلى استعراض الشبه والمزاعم التي أصبحوا يلوكونها بألسنتهم، ويرددونها بين المسلمين حتى يشككوهم في دينهم، وبين المشركين حتى لا يدخلوا في هذا الدين.
وتتلخص هذه الشبه والمزاعم التي تتولى الآيات الكريمة في هذا الربع تفنيدها وإبطالها في أن الدار الآخرة-ويقصدون الجنة-ستكون خالصة لبني إسرائيل من دون الناس جميعا، وإذن فلن يكون فيها نصيب للمسلمين الذين أسلموا ولا للمشركين إذا أسلموا، وفي أن جبريل الملك الذي ينزل بالوحي على قلب رسول الله ﷺ إنما هو عدو لبني إسرائيل، إذ هو في زعمهم لا يتنزل إلا بالشر والقحط والجدب، ولهذا السبب فهم يرفضون الوحي الذي ينزل بواسطته على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الوحي لو نزل بواسطة ميكائيل، ملك الرخاء والمطر والخصب، وصديق بني إسرائيل في زعمهم، لقبلوه وصدقوا به.
وهكذا تصدع آيات القرآن بالرد عليهم وإفحامهم بالحجة البالغة ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾ - ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾ - ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾.
ثم تقرر الآيات الكريمة أن من عادى أحد الملائكة-وهو جبريل في هذا السياق-فقد عادى الملائكة جميعا ومن بينهم نفس ميكائيل، لأن الإيمان بالملائكة كل لا يتجزأ، كما أن من عادى أحد