يوجهه الحق سبحانه وتعالى إلى عباده المؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال عبد الله بن مسعود لرجل سأله أن يعهد إليه ويوصيه وصية خير: "إذا سمعت الله يقول ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأرعها سمعك، فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه".
وبمجرد ما يصدر النداء الإلهي المحبب إلى المؤمنين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يصدر الأمر الإلهي إليهم بوجوب الوفاء بالعقود على اختلاف أنواعها، ما كان منها باسم الأفراد فيما بينهم، وما كان منها باسم الدولة الإسلامية التى تمثلهم، فيما بينها وبين الدول الأخرى من العقود والمواثيق، ويدخل في الوفاء بالعقد بطريق الأصالة الوفاء بالعقد الذي عقده الله بين المسلمين ورسولهم، على الاعتصام بكتابه الكريم، والتزام العمل بشريعته الفاضلة.
ومن الآيات التي يجب الوقوف عندها في هذا السياق قوله تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ يشير إلى ما قام به المشركون عدة مرات من الحيلولة بين المسلمين وبين الحج إلى بيت الله الحرام، أفرادا وجماعات، وخاصة ما قاموا به من التعرض لرسول الله - ﷺ - وهو في طريقه إلى الحج، فكان من ذلك "صلح الحديبيه" الشهير، فالله تعالى يأمر سوله والمؤمنين- عندما فتح في وجوههم مكة وجزيرة العرب من أدناها إلى أقصاها فتحا مبينا، وغلبهم على الشرك والوثنية- بأن لا ينتقموا من قريش، ولا يقابلوا عدوانها بعدوان مثله، وأن يعفوا ويصفحوا عما سلف، فالإسلام دين العفو لا دين الانتقام.
ثم يأمر كتاب الله المسلمين السابقين من المهاجرين والأنصار،