إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} - ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾.
وفي (كتاب التفسير) من صحيح البخاري عن طارق عن عبد الله قال: (قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ﴿فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون﴾ ولكن امض ونحن معك. فكأنه سرى عن رسول الله ﷺ مما يدل أقوى دلالة على الأثر الحميد والعميق الذي كانت تتركه في نفوس المسلمين قصص الأنبياء مع أقوامهم، وذلك هو الغرض الأول من ذكرها في القرآن الكريم.
ومن الفوائد في هذا الربع الإشارة إلى (النقباء) الذين هم بمنزلة النواب والمندوبين عن غيرهم، يتحدثون باسمهم بمختلف المناسبات، وينوبون عنهم في النظر إلى مختلف المشاكل ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ فقد وجه موسى عليه السلام النقباء الإثني عشر إلى الأرض المقدسة، ليختبروا حال من بها، ويعلموه بما اطلعوا عليه فيها حتى ينظروا معه في الغزو إليها.
وهكذا لما بايع رسول الله ﷺ الأنصار ليلة العقبة، وعددهم في تلك الليلة سبعون رجلا، كان فيهم اثنا عشر نقيبا بعدد نقباء موسى، ثلاثة من الأوس وتسعة من الخزرج، وهؤلاء هم الذين تولوا المعاقدة والمبايعة عن قومهم للنبي ﷺ على السمع والطاعة، وقد جعلهم النبي ﷺ نقباء على من كان معهم، وعلى من يأتي بعدهم.


الصفحة التالية
Icon