جميعا، وتضعف ثقة بعضهم ببعض، أو تزول بالمرة، ويصبح المجتمع كله - بحكم العدوى والتقليد والبلبلة - مجتمع سوء لا خير فيه، ولا ثقة بين أفراده، بل ما منهم من أحد إلا هو يتربص بأخيه الدوائر، لينقض عليه انقضاض الأسد على فريسته، دون شفقة ولا رحمة، ومن غير تقزز ولا مضض، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾.
غير أن الإسلام الذي يعطي للمظلوم الحق في دفع الظلم عنه، ويأذن له بالعمل على رفعه، لا يقف حجر عثرة في سبيل تشهير المظلوم بالظالم، لإقامة الحجة عليه، وتحذير الناس منه، حتى لا يكونوا من ضحاياه، وذلك ما ينبغي أن نفهم من قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ أي أن المظلوم لا يحرمه الإسلام من التمتع بحق التنفيس عن كربه، وبالتحدث عن مظلمته، حديثا قد يسيء إلى الظالم في سمعته ومكانته، ما دام ذلك في حدود الواقع، ودون مبالغة فيه ولا زيادة عليه.
وقوله تعالى في التعقيب على هذا السياق ﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ إشارة إلا أن الحق سبحانه وتعالى لا يخفى عليه من أقوال القائلين شيء، بل يسمع أقوالهم كيفما كانت، لا فرق بين من قال سوءا أو قال خيرا، كما أنه سبحانه مطلع على نياتهم ومقاصدهم، يعلم منهم المظلوم من الظالم، والصادق من الكاذب، والمفسد من المصلح.
ثم أخد كتاب الله ينبه المؤمنين إلى ما ينبغي أن يشغلوا به ألسنتهم من قول الخير، بدلا من قول السوء، ويحضهم على إبراز