متروكون لحكم الله فيهم ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
ورغما عن كون هاتين الآيتين وردتا في الأصل على هذا السبب الخاص وفي أناس معينين، فإن معناهما يعم كافة المذنبين من غير المنافقين.
وقوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ يتوجه الخطاب فيه إلى هذا الصنف الخاص من المتخلفين غير المنافقين، الذين تخلفوا كسلا لا نفاقا، وهذا أمر يقتضي ترغيبهم في استيناف العمل الصالح والمواظبة عليه، وفيه تذكير لهم بأن الله من ورائهم محيط، وبأن رسوله سيراقب سلوكهم باستمرار، وبأن فراسة المؤمنين ستلاحقهم في كل مكان، فما أطلعهم الله عليه من خير أحبوه، أو شر أبغضوه، إذ الأعمال نفسها ليست إلا علامات تكشف عن حقيقة النيات، وأمارات تدل على صميم المعتقدات " ومن أسر سريرة ألبسه الله رداءها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر " كما جاء في الأثر.
وروى الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا أن رسول الله ﷺ قال: (لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة، لأخرج الله عمله إلى الناس كائنا ما كان). وروى ابن القاسم عن الإمام مالك أنه كان يقال: " ابن آدم اعمل، وأغلق عليك سبعين بابا يخرج الله عملك إلى الناس ". ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon